ما الذي تغيّر… السلاح أم الخطاب؟ محاكمة الوطن على أيدي جلّاديه
السبت 13 ديسمبر, 2025
بقلم : د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي
ليس دفاعاً عن أحد، ولا تبريراً لأيّ حزب، فالأحزابُ جميعُها عندي سواء عندما تضلّ الطريق وتغرق في صفقات الهروب إلى الأمام. لكن ما يثير السخرية السوداء اليوم هو هذه الجوقة التي تصرخ فجأة بأنّ “سلاح المقاومة غير شرعي”، وكأنّهم لم يكونوا شركاء في كلّ حرفٍ كُتِب في البيانات الوزارية، وكأنّ توقيعاتهم لم تكن موجودة تحت العبارات التي كرّست هذا السلاح جزءاً من منظومة الدفاع الوطني.
اليوم، يتصرّفون بوقاحة مَن يعتقد أنّ الذاكرة العامّة قصيرة، وأنّ الناس نسيت تلك الحكومات التي جلسوا فيها بكلّ راحة، ووقّعوا ووافقوا وابتسموا، ثم عادوا الآن يتحدّثون عن “الشرعية” وكأنّهم أبرياء من تاريخهم.
السؤال البديهي الذي يهربون منه جميعاً هو...
إذا كان السلاح غير شرعي اليوم، فماذا كنتم تفعلون أنتم يوم كان “شرعياً” في عهدكم؟
وإذا كان السلاح، بنظركم، خطأً، فهل من يشارك في الخطأ يصبح بريئاً بعد عشر سنوات؟ أم تُنزع عنه المسؤولية لأنه قرر فجأة أن يلعب دور القاضي؟
الحقيقة المُرّة أنّهم يتهجّمون على ما أقرّوه بأيديهم.
يتّهمون ما صنعوه بأنفسهم.
يهاجمون ورقةً كانوا هم مَن وضع بنودها.
ما يفعلونه اليوم ليس موقفاً سياسيّاً، بل محاولة يائسة لإعادة غسل ماضيهم. ولكن ما لا يفهمه هؤلاء هو أنّ التاريخ لا يُمحى بفذلكات المؤتمرات الصحافية ولا بخطابات التلفزيون.
سيأتي يوم، لا محالة، تُفتح فيه الملفات واحدة تلو الأخرى، وتظهر التواقيع، وتُعرض محاضر الجلسات، وتنقلب الطاولة على الجميع.
يومها، سيقفون جميعاً نعم جميعاً في قفص الاتهام الذي نصبوه اليوم لغيرهم.
وسيكتشفون أنّ المعركة التي يخوضونها الآن ليست ضد حزب ولا ضد سلاح، بل ضد ذاكرتهم هم.
والمفارقة أنّ هذه الطبقة السياسية او بالأحرى الميليشياوية اعتادت أن تهرب من مسؤولياتها، لكنها لم تستوعب بعد أنّ التاريخ لا يُهادِن أحداً. فالتاريخ لا ينسى، والناس لا تنسى، والأوراق لا تحترق كلها.
ومن يظنّ أنّه اليوم في موقع القاضي، قد يجد نفسه غداً أوّل المتّهمين.
التاريخ لن يرحمكم...